اليوم العالمي للغة الضاد.. 52 عاما على اعلان اليونسكو اللغة العربية لغة عالمية | مقال بقلم: د. محمد حبيب الله
صادف يوم الثامن عشر من كانون الاول (2025) الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية, هذا اليوم الذي اُعلن عنه في قرار اتخذته الامم المتحدة ومنظمة اليونسكو في 18.12.1973 ان يكون التاريخ في كل سنه يوما عالميا لهذه اللغة
الصورة للتوضيح فقط - shutterstock - PeopleImages
بحيث يحتفل فيه العالم اجمع والعالم الاسلامي والعالم العربي خاصة بهذه المناسبة. وقد أُدرِجت اللغة العربية حينها وبموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لغة سادسة للتخاطب بها في اروقة هذه المنظمة الدولية، على ان يرافق ذلك ترجمة فوريّة للغات الرسمية المتداولة فيها وهي: اللغة الانجليزية واللغة الروسية واللغة الاسبانية واللغة الفرنسية واللغة الصينية.
وتدأب منظمة اليونسكو منذ ذلك التاريخ على اصدار نشراتها باللغة العربية للعالم العربي، الى جانب اللغات الاخرى المعترف بها في الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا الى جانب اقرار منظمة اليونسكو في اوائل كانون الاول 2021 اعتبار الخط العربي احدة مظاهر التراث في العالم وادخالِهِ في قائمة التراث العالمي العريق الذي يجب المحافظة عليه.
"الخط العربي.. تراث عالمي"
لقد اعتبرت هذه المنظمة الخط العربي تراثا عالميا لما يُتّصف به من جمال وفن وروعة. ان هذه المكانة العالمية التي تحظى بها اللغة العربية لم تأت صدفة, لما في هذه اللغة من ميزات كثيرة مقارنة بلغات العالم الاخرى من حيث كونها لغة حية ولغة اكثر من 400 مليون عربي, ولغة اكثر من مليار ونصف مسلم يعتبرها لغة ثانية الى جانب لغة الام في كل بلدٍ اسلامي وذلك بسبب كونها لغة مقدسة (لغة القرآن). وهذه الدول هي: الباكستان وبنغلاديش وافغانستان وكردستان وتركمنستان وايران واذربيجان وأوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وتركمانستان وماليزيا وتركيا واندونيسيا والبانيا وكوسوفو والبوسنة ومقدونيا والمسلمون في الهند.
هذا بالإضافة الى ميزة اخرى تكمن في عدد مفرداتها المستخدمة والمهملة والتي تصل الى (12) مليون كلمة، أي ما يعادل (25) ضعفا من عدد كلمات اللغة الانجليزية التي تأتي بعد العربية من حيث المفردات وتصل الى 600 الف كلمة فقط.
ومقابل كل هذه الميزات للغة العربية فقد قامت دولة اسرائيل بشطبها لغةً رسميةً ثانيةً في الدولة هذه المكانة التي كانت تحظى بها منذ قيام الدولة، وكونها كانت اللغة الرسمية الاولى في فلسطين زمن الانتداب البريطاني.
لقد صمدت هذه اللغة تاريخياً امام محاولة الاتراك "تتريك" العرب ومحوها لغةً عربيةً رسميةً في التعامل في ادارة شؤون الدولة العثمانية. لكن وبالرغم من ان حكم العثمانيين للعرب امتد على اكثر من 400 سنة الا ان محاولة التتريك هذه لم تنجح، فقد صمدت هذه اللغة امام كل هذه المحاولات وظلت لغة حيَّةً باقيةً، وستظل هكذا في اسرائيل رغم انوف المشرّعين لسنّ قانون القومية الذي شطبها لغة رسمية ثانية.
"فرّق تسد"
تجدر الاشارة الى ان اسرائيل قامت منذ قيامها بمحاولات "تهويد" العرب في اسرائيل و"اَسرَلَتَهُم". لكنهم لن ينجحوا في ذلك. لقد عكس قانون القومية سياسة "فرّق تسد!" والنظر الى الاقلية العربية الفلسطينية في الدولة على انها فئات وطوائف: مسلمين ومسيحيين ودروز وبدو, وكأنّ كل هؤلاء لا تجمعهم شجرة العروبة. وكأنّهم ليسوا اصحاب لغة واحدة توحدهم قوميا هي "لغة الام"، "لغة القران". ان هذه اللغة هي "الهوية العربية"، وستبقى في اسرائيل عنوان هويتنا وقوميتنا ورمز حضارتنا وتراثنا الذي امتد على اكثر من 1500 سنة، وسيستمر في مدّهِ هذا الى الابد.
يكفي اللغة العربية فخرا انها تحولت في العصر الحديث الى لغة معترفٍ بها عالمياً من قِبَل الامم المتحدة ومن قبل اليونسكو كما ذكرت ذلك في بداية مقالي هذا. لقد شهد المستشرقون والباحثون بالمشرق والمغرب بأن اللغة العربية من اجمل اللغات في العالم وسامعها يترنم عند سماعِ الفاظها شعراً او نثراً. فقد قال الفرنسي "ارنست رينان" : " اللغة العربية بدأت فجأةً على غاية من الكمال وهذا اغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة". اما الالماني "فريتاغ" فقال عنها :"اللغة العربية اغنى لغات العالم".
"ظاهرة الاشتقاق"
وبالإضافة الى ما تقدم من حيث عدد مفردات هذه اللغة فهنالك ظاهرة فريدة فيها وهي ظاهرة الاشتقاق في اللغة والتي تزودنا بها اوزان الفعل الثلاثي في اللغة العربية والتي تصل الى عشرة ووزن الفعل الرباعي، الامر الذي يزيد في كثرة المفردات التي تحمل معانٍ جديدة تختلف عن المعنى الاصلي للفعل المجرد.
لقد انفردت اللغة العربية بثلاث ميزات اخرى لا نجدها في باقي لغات العالم، الاولى: استئثار اللغة العربية بعدد احرف كبير نسبيا أي (29) حرفا وليس (28) حرفا كما يفكر البعض. فالحرف الاول هو الهمزة التي تكتب على ألف في بداية الكلمة وهي ليست الالف الممدودة والتي بسببها صارت احرف اللغة العربية تسعة وعشرون حرفا والتي يعبّر عنها ب"لام ألف" (لا) تسهيلا للنطق بها كما هو الحال في حرفيّ المد الواو والياء فنقول: لا، لو، لي، را، رو، ري.... والثانية: استئثار اللغة العربية بمخارج اصوات كثيرة لا نجدها في لغات كثيرة في العالم, مثل حرف ال "ع" وال "غ" وال "ق" وال "ط" وال "ظ" وال "ث" وال "خ" وال "ح" وال "ذ" وال "ش" وال "ص". والثالثة: الخط العربي، هذه الميزة التي اشرت اليها سابقا عندما اشرت الى ادراج اليونسكو له في قائمة التراث العالمي. (ملحق في آخر المقال نماذج للخط العربي).
لقد نادت الجامعة العربية بتنمية اعتزاز الدارسين بالهوية من خلال تأكيدهم ان اللغة هي الهوية والهوية هي اللغة. لقد تميزت اللغة العربية عن باقي لغات العالم بكونها لغة غنائية وجميلة، فقد وصفها احد الشعراء بقوله:
ان الذي ملأ اللغات محاسنا جعل الجمال وسرُّه في الضادِ.
من هنا وهناك
-
القيادة الحقيقية.. ثقة ووضوح ودالة متجانسة صاعدة، لا تعرف اللون الرمادي ولا العيش في ‘الظل‘
-
‘العنف… حين يختنق المجتمع بصمته ومسؤوليتنا أن نعيد للناس حقهم في الأمان‘ - بقلم: رانية مرجية
-
عمر عقول من الناصرة يكتب: الى اين انتم ماضون بنا؟
-
مقال: ميزانية اسرائيل 2026.. اسرائيل تنتقل من الليبرالية العلمانية الى الدكتاتورية التلمودية! - بقلم: د. سهيل دياب
-
مقال: عملية ‘الأحجار الخمسة‘: دلالات العدوان على طوباس كمقدمة لإعادة تشكيل الضفة الغربية - بقلم : د. عمر رحال
-
‘ بين الواقعية السياسية ووحدة الموقف: اختبار الإرادة الفلسطينية ‘ - بقلم: محمد علوش
-
‘التهجير الصامت : الاحتلال يبتكر أساليب جديدة لتهجير الغزيين‘ - بقلم: د. حسين الديك
-
مقال: بين السلاح وإعادة الإعمار: الغزيون يطالبون بالحياة أولاً - بقلم: الصحافية لارا احمد
-
‘الاستشراق الرقمي: كيف تصنع وسائل الإعلام الغربية شرقاً جديداً ؟‘ بقلم: الدكتور حسن العاصي
-
‘ تشريعات المرور بينَ الحَلْبِ والكسب وغياب العدالة ‘ - بقلم : المحامي عماد زايد





أرسل خبرا