logo

‘ حين يغيب الفعل ويعلو الصوت ‘ - بقلم : الاستاذ رائد برهوم

بقلم : الاستاذ رائد برهوم
15-11-2025 06:33:42 اخر تحديث: 22-11-2025 20:13:32

عادةً ما أكتب في مواضيع تخص الهيئات التعليمية والمدارس ونصائح لأهالي الطلاب في هذا المجال، لكن لم أستطع أن أقف صامتًا أمام ما تتداوله الصحافة هذه الأيام حول اللجنة العليا لمتابعة قضايا الجماهير العربية،

الاستاذ رائد برهوم - صورة شخصية

والتهافت على الترشّح لقيادتها، وكأنّها بوابة لمجدٍ شخصي لا لخدمة مجتمعٍ يئنّ من الإهمال.

في الواقع، لا أحد ينكر أن لجنة المتابعة تأسست أصلًا من حاجة جماعية للدفاع عن حقوق المجتمع العربي، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه بعد عقود من نشاطها: ماذا حققت فعليًا؟

هل استطاعت أن تفرض قضايا التعليم، مثل أزمة المدارس، ونقص الميزانيات، وتراجع التحصيل، على طاولة صُنّاع القرار في إسرائيل؟ أم أنّ صوتها بقي في دائرة الشعارات والخطابات الموسمية؟

من المؤسف أن نرى أنّ كثيرًا من بيانات اللجنة لم تتجاوز حدود الورق، ولم تتحوّل إلى خطة ميدانية أو تأثير سياسي ملموس.

فعلى سبيل المثال، خلال السنوات الأخيرة تصاعدت أزمة العنف داخل المدارس العربية، وانتشرت ظواهر خطيرة مثل التنمّر، الغشّ، والتسرّب المبكر، دون أن نرى تدخلًا تربويًا حقيقيًا أو شراكة مدروسة مع وزارة التربية والتعليم.

اللجنة اكتفت بإصدار بيانات استنكار، وتنظيم ندوات إعلامية، بينما الميدان التربوي يصرخ طلبًا للدعم والإصلاح.

أما على مستوى التأثير على صنّاع القرار، فالحقيقة أكثر مرارة: لم نشهد ضغوطًا فعّالة على الكنيست أو الوزارات لتعديل سياسات التمييز ضد مدارسنا العربية.

الموازنات بقيت مجحفة، البنى التحتية في حالة متدهورة، والمعلمون يعملون في ظروف قاسية. ومع ذلك، لم تحوّل اللجنة هذه القضايا إلى حملة وطنية مستمرة كما فعلت مؤسسات مدنية أخرى أقلّ شهرة وأكثر صدقًا.

الخلل، في جوهره، ليس في الفكرة بل في التحوّل التدريجي للجنة إلى هيئة رمزية تُمثّل الأحزاب أكثر مما تُمثّل الناس. الاجتماعات تُعقد، والبيانات تُنشر، لكن الطالب في النقب ما زال يتعلّم في صفّ متنقّل، والمعلم في الجليل ما زال يشتري الوسائل التعليمية من ماله الخاص، والأم في المثلث ما زالت تخاف أن يخرج ابنها إلى المدرسة بسبب العنف المتزايد حولها.

لقد آن الأوان لمراجعة صريحة:

إمّا أن تتحوّل لجنة المتابعة إلى جسم فعّال، لديه ذراع مهني في التعليم يخطط، يراقب، ويحاسب — أو لتترك المجال للمجتمع المدني، وللمبادرات الشبابية، وللمربين الحقيقيين الذين يعملون بصمت في الميدان.

فلا مكان بعد اليوم للشعارات دون إنجاز، ولا قيمة لقيادةٍ لا تترك أثرًا في قلوب الناس ولا في مدارسهم.

ختامًا، إنّ مجتمعنا العربي لا يحتاج إلى لجنة جديدة بقدر ما يحتاج إلى ضمير جديد، يرى في التعليم أولوية وطنية لا موسمية، وفي الطالب مشروع حياة لا رقمًا في بيان.

وحتى يتحقق ذلك، ستبقى كل انتخابات للجنة المتابعة مجرّد مشهدٍ يتكرر، بلا نتيجة، وبلا تغيير.