‘ لو ينطق الحجر والشجر ‘ - بقلم شهربان معدّي
هي ليست قصّة خطرت فجأة على بالي، أكتبها للتسلية، أو طمعًا في كسب قلوب القرّاء، بل هي واقعة أليمة، أو لنقل رحلة خوف وضياع ومعاناة ، في بلاد كُتبت عليها الحروب وسفك الدماء، منذ عمر الزّمان، وحتّى هذه اللّحظات..
صورة توضيحية - shutterstock - Micolas
هي قصّة رضيعة بعمر الورد، تُركت وحيدة، في زمن الموت والشّتات، زمن الهجيج.. سنة 1948؛ حيث تركتها أمٌّ مذعورة، خائفة، في لحظة ضعف وانكسار، ليصبح بين يومٍ وليلة، فراشها الأرض ولحافها السّماء..
كان ذلك في بداية الخريف، عندما كانت الأشجار تتعرّى من أوراقها، والبشر من انسانيّتها.. في ذلك اليوم الباهت، وفي تلك المرحلة المفصليّة الهامّة التي غيّرت وجه التّاريخ، كانت أوراق أيلول تتساقط بهدوء، بينما شمس الظهيرة تنظر بحزنٍ من السّماء، تراقب بيوتًا لم يبق فيها أحد، وأخرى تدفن موتاها بصمت، بعد أن تشتت شملها في مدن المستحيل.. قصتي هذه عن أمهات تشرّدن في زمن عصيب، بين القرى والبراري وفي كروم الزّيتون، يحملن أطفالهن الصّغار، يتوسلن كسرة خبز وشربة ماء في بيوت الغرباء..
ولأنني لم أكن شاهدة عيان، أترك الكلمة للباحث د. شكري عرّاف؛ إذ كتب ص 721 من كتاب لمسات وفاء و.. "وحين كان الشيخين، مبدّا أبو سلمان أبو حمدة، وشحادة أبو حمدة، يتجولان في كفّة الزيتون خاصتهما، وجدا الرضيعة وأخَذاها لتصبح أحد أفراد عائلتهم.. تربّت البنت في هذا البيت الكريم، وبعد أن كبُرت، إلتقى مربيها، والدها في التربية، مع أهلها البيولوجيّين وسلّمهم إياها.. كبرت البنت وحان وقت كتب كتابها على يد من طلب يدها، لكنها اشترطت وبعناد، أن يكون وكيلها، هو الشخص الذي كُتبت حياتها على يده، واعتبرها ابنة له.
ويضيف الباحث الجليليّ: "أعترف أنّني فتشتت عن أهل هذه الفتاة، في كثير من القرى الجليليّة، كي أعثر عليهم ولكنّني فشلت.. وزرّتُ الكثيرين من آل شحادة في يركا، لكن لم يرشدني أحد إلى هذا الشيخ المُربي، إلى أن عرفت اسمي الشيخين المرحومين أعلاه.. أصلّي أن يتصل بي من يعرف هذه الفتاة، و/ أو أن تكون هي قارئة هذه القصّة، ليهدأ بالي، من جهة، وليكون شكري وربما شكرها وشكر عائلتها، موجّهًا لروح أحد هذين الشيّخين الفاضلين.
هذا ما حدث في زمن النكبة في قريتي يركا التي استضافت آلاف اللاجئين بكل حبّ وأريحية واحتواء، والمؤسف أن البعض ما زال يشكّك في دورنا الكبير في حماية وإعادة المهجرين إلى بيوتهم وقراهم، الخيانة ليست محصورة بين رجل وامرأة، الخيانة العظيمة عندما ننكر العيش والملح الذي كان بيننا.. ونمحو من الذاكرة قصّة رضيعة كتبت لها الحياة، على يدٍ رحيمة أرسلتها السّماء.. ويبقى الحجر والشجر شاهدًا، ليعلمنا أن الخيانة ليست فقط بين قلبين بل بين ذاكرة وذاكرة..
وفي الأخير إذا لم ينطق الحجر والشجر! فالتاريخ يشهد على فضل بني معروف من كلّ القرى المعروفيّة، في إيواء النازحين، وإكرامهم بكلّ حميّة ومسؤوليّة وإعادتهم لقراهم الأصليّة وتثبيتهم بها، رغم صعوبة الزّمان وشظف العيش، وبإذنه تعالى للحديث بقية..
من هنا وهناك
-
‘ إرادَةُ الخَالِق ‘ - بقلم : كمال إبراهيم
-
حالة الطقس: أمطار متفرقة على بعض المناطق حتى ساعات الظهر
-
زجل ‘ الزيتون تاج الوطن‘ - بقلم: أسماء طنوس من المكر
-
اجواء خريفية ماطرة اليوم في مختلف المناطق
-
بابا الفاتيكان يخلع حذاءه خلال زيارته لمسجد السلطان أحمد في إسطنبول
-
حالة الطقس: فرصة مهيأة لسقوط أمطار متفرقة
-
متحف اللوفر في باريس يرفع أسعار التذاكر للزوار من خارج الاتحاد الأوروبي
-
بوتين يحاول العزف على آلة الكوموز خلال زيارته لقرغيزستان
-
طقس متقلّب: حرارة مرتفعة اليوم وأمطار محلية غدا
-
حالة الطقس: أجواء غائمة وجافة نهارا وباردة ليلا





أرسل خبرا