مقال : اعلان العصيان المدني ، فكرة حكيمة أم مغامرة انتحارية ؟
تكاثرت في الايام الاخيرة تصريحات القيادات العربية الاولى في المتابعة ومن بعض قيادات الاحزاب، باتجاه ضرورة التفكير باعلان العصيان المدني ردا على تفاقم الجريمة والعنف في المجتمع العربي.

د. سهيل دياب - تصوير موقع بانيت
وتأتي هذه التصريحات بعد الفشل الكبير للاحزاب السياسية في تجنيد وتجييش الناس لرفع صوتها ومواجهة المؤسسة بالخروج الميداني للشارع بشجاعة ومسؤولية.
وسمعنا قبل فترة تصريحات اخرى تندمج ضمن الاقتراحات اليائسة وغير الواقعية، مثل الدعوة الى تدخل الانتربول ( الشرطة الدولية) لحماية العرب، او الاقتراح المستغرب بدعوة السلطة الفلسطينية للتدخل لحمايتنا هنا !!!. هل هذه الاقتراحات تعبير عن فقدان الطريق وعجز القراءة الصحيحة؟ ام ماذا؟؟
مفهوم العصيان المدني باختصار، هو الامتناع الواعي بتنفيذ المواطنين لقوانين رسمية، ولكن بطرق سلمية. مثل عدم دفع الضرائب ، أو عدم الامتثال الى محاكم او تحقيق شرطوي، أو تنفيذ مهمة بمجال اعمال حساسة في الجيش او بشركات صناعية مؤثرة. ومن أهم دروس التجارب التاريخية في العالم الواسع من العصيان المدني هو: انه ينبغي على المواطنين انهم يعون مسبقا انهم مستعدون لدفع ثمن امتناعهم عن تنفيذ القوانين ويعرفون ذلك مسبقا، والا فسيتحول العصيان المدني الى انتحار جماعي.
كل هذا الامر يؤكد القواعد التالية:
١. ان خطوة العصيان المدني لا يمكن ان تكون بديلا عن القنوط والتراجع، وعلينا ان لا نراها مخرجا للفشل والعجز، بل تأتي هذه الخطوة تتويجا لخطوات نضالية متتالية ومتصاعدة، تبدأ ببناء المؤسسان الوحدوية والمشروع الوطني الجامع، وتمر بتفعيل وتجييش الكوادر الحزبية في جميع الاطر السياسية، وتجنيد اطر ومؤسسات المجتمع المدني، ووصولا الى خلق حالة ثورية ناجزة ترعاها بيئه اجتماعية تحمييها . كل هذا ليس فقط انه غير ناجز، وانما العكس هو ما نراه بالشارع.
٢. ثورية وشجاعة الاحزاب السياسية أهم عامل بنجاح اي عمل ثوري كبير، بما في ذلك العصيان المدني. وما هو وضع الاحزاب اليوم؟؟
العجز والرعب بسيطر على الاحزاب السياسية اليوم، واكبر برهان على ذلك ادائها نحو انتخابات الحكم المحلي، فغالبية الاحزاب السياسية نأت بنفسها عن خوض الانتخابات، غالبية الكوادر الحزبية البارزة امتنعت عن ترشيح نفسها ضمن قوائمها الانتخابية. ناهيك عن الذين سحبوا ترشيحاتهم. فمن يتصرف ذلك في حملة انتخابية محلية، فكيف سيتصرف اذا تم اعلان العصيان المدني ؟؟؟
٣. الكفاح الكبير لجماهيرنا العربية، والاقرب الى العصيان السياسي( وليس المدني) كان يوم الارض الخالد ١٩٧٦. اخذ بعين الاعتبار كل المعطيات يومها، ورغم ذلك لم يدعو الناس لعصيان القوانين المدنية وليس صدفة، رغم ان المزاج الشعبي العام كان مستعدا لتنفيذ ذلك فيما لو تم الاعلان عنه.
لدي انطباع، واتمنى أن اكون مخطئا، أن القيادات العربية اصبحت عاجزة عن قراءة الحالة ااسياسية لشعبنا الاصلاني، واصبحت عرضة لضغط لوبيات نخب سياسية منقطعة عن الناس ونفسية الجماهير، وبدأت تتخبط والتفتيش عن مخرج مهما كان، بعيدا عن الحكمة، ويلامس عنصر المغامرة الغير مدروسة وهذا أخطر ما في الامر .
من هنا وهناك
-
‘المسيحيون العرب في إسرائيل: قراءة هادئة في هوية تبحث عن شراكة عادلة‘ - بقلم : منير قبطي
-
‘الشخير الحاد وانقطاع التنفس الانسدادي‘ - بقلم : د. ناصر عزمي الخياط
-
القيادة الحقيقية.. ثقة ووضوح ودالة متجانسة صاعدة، لا تعرف اللون الرمادي ولا العيش في ‘الظل‘
-
‘العنف… حين يختنق المجتمع بصمته ومسؤوليتنا أن نعيد للناس حقهم في الأمان‘ - بقلم: رانية مرجية
-
عمر عقول من الناصرة يكتب: الى اين انتم ماضون بنا؟
-
مقال: ميزانية اسرائيل 2026.. اسرائيل تنتقل من الليبرالية العلمانية الى الدكتاتورية التلمودية! - بقلم: د. سهيل دياب
-
مقال: عملية ‘الأحجار الخمسة‘: دلالات العدوان على طوباس كمقدمة لإعادة تشكيل الضفة الغربية - بقلم : د. عمر رحال
-
‘ بين الواقعية السياسية ووحدة الموقف: اختبار الإرادة الفلسطينية ‘ - بقلم: محمد علوش
-
‘التهجير الصامت : الاحتلال يبتكر أساليب جديدة لتهجير الغزيين‘ - بقلم: د. حسين الديك
-
مقال: بين السلاح وإعادة الإعمار: الغزيون يطالبون بالحياة أولاً - بقلم: الصحافية لارا احمد





أرسل خبرا